بدأت النيابة العسكرية في مصر الثلاثاء تحقيقاتها مع ثمانية من المقبوض عليهم خلال الحملات التي قامت بها عناصر من القوات المسلحة والشرطة المدنية بسيناء الاثنين وذلك فى اليوم الأول من الحملة الأمنية التى أطلق عليها اسم "نسر" لضبط العناصر الإجرامية والمتطرفة التى تقف وراء أحداث العنف الأخيرة التى شهدتها سيناء .
وأفادت مصادر مطلعة بأن جهات التحقيقات حصلت من المتهمين على قائمة أسماء جديدة لجهاديين داخل وخارج سيناء تضم أسماء عديدة.
ومن جانبها ، كشفت مصادر أمنية أن قوات الجيش والشرطة استعدت لحملة مداهمات جديدة بمدينتى رفح والشيخ زويد بعدما علمت بأن عناصر عديدة بهذا التنظيم قد هربت إلى جبل "الحلال" بوسط سيناء وإلى أماكن صحراوية أخرى، كما لاذت عناصر اخرى بالتنظيم بالفرار إلى وسط سيناء للاختباء .
وفيما رجحت المصادر السابقة أن تستمر الحملة الأمنية حوالي ثلاثة شهور ، أشارت إلى أنه في اليوم الثاني لعملية "نسر" ، تم اعتقال أربعة متشددين الثلاثاء كانوا يعدون لنسف خط أنابيب غاز بمدينة العريش.
وأضافت أن التحقيق الأولي ربط المتشددين الأربعة بهجوم وقع على مركز للشرطة في العريش في 29 يوليو الماضي عندما جاب نحو مئة مسلح يركبون سيارات ودراجات نارية المدينة في ذلك اليوم ملوحين بأعلام تحمل شعارات إسلامية قبل أن يهاجموا مركز الشرطة.
وتابعت المصادر ذاتها أن المشتبه بهم الأربعة الذين اعتقلوا في العريش قرب خط أنابيب الغاز كانت بحوزتهم متفجرات وأسلحة ، موضحة أن هذه المجموعة كانت ثاني مجموعة تعتقل منذ بدء عملية "نسر" .
وكانت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية المصرية تمكنت فجر الاثنين الموافق 15 أغسطس بالتنسيق مع القوات المسلحة من ضبط خلية إرهابية تضم 12 شخصا من العناصر الجهادية التكفيرية بسيناء والذين يستخدمون أسماء كونية فى كافة تعاملاتهم وذلك في اليوم الأول من حملة "نسر" .
وجاء إلقاء القبض على المتهمين بعد أن حددت الجهود الأمنية مواقع وأوكار تلك الخلية الجهادية حيث قامت القوات بمداهمة عدد من أوكار إختفاء تلك العناصر، وبوصول القوات إلى مكان إختفائهم بادرت تلك العناصر بإطلاق الأعيرة النارية بكثافة تجاه القوات فبادلتهم القوات التعامل، ونجم عن ذلك إصابة أحد المتهمين ووفاته أثناء إسعافه وضبط بحوزة باقى المتهمين 3 بنادق آلية و4 قنابل يدوية وعدد 12 خزينة وعدد كبير من الذخائر كما تم ضبط كمية من الأوراق والكتب التنظيمية وعدد من اللوحات المعدنية لسيارات مختلفة ، بالإضافة الى كمية من الملابس المخصصة للقوات المسلحة والمعدة لحمل الذخائر والقنابل .
وكانت معلومات وتحريات الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع القوات المسلحة تمكنت من تحديد بعض المتهمين المشاركين فى الإعتداء على قسم شرطة ثان العريش والذى نتج عنه إستشهاد كلٍ من النقيب يوسف محمد السيد الشافعى "معاون مباحث قسم ثان العريش" ، والنقيب حسين عبدالله أحمد الجزار " من القوات المسلحة " والعريف الصافي رجب عبدالغني من قوة قسم شرطة قسم ثان العريش، وإصابة عدد 12 ضابط من رجال الشرطة وعدد 10 أفراد بطلقات نارية.
ومازالت الأجهزة الأمنية بسيناء تواصل حملتها بالتنسيق مع القوات المسلحة لمواجهة بقية العناصر وضبطهم وتُكثف الأجهزة الأمنية جهودها للكشف عن شخصية المتهمين المضبوطين وهويتهم الحقيقية.
العملية "نسر"
وكانت مصادر أمنية مصرية كشفت في 14 أغسطس أن قوات من الجيش والشرطة وصلت إلى سيناء لتنفيذ العملية "نسر" التي وضعت جهات سيادية وأمنية اللمسات النهائية لها من أجل القضاء على كل العناصر الخارجة على القانون في سيناء وإنهاء سيطرة المسلحين على بعض مناطقها.
وتعتمد الخطة على نشر فرقتين من القوات الخاصة من الجيش والشرطة قوامهما ألف فرد قابلة للزيادة في حالة الحاجة ومدعومة بـ250 آلية ومدرعة، فضلا عن مشاركة جوية من طائرات حربية .
كما تعتمد الخطة "نسر" على البدء بتصفية كل الجيوب الإجرامية في مدينة العريش، ثم التوجه إلى الخط الحدودي برفح والشيخ زويد، والذي من المنتظر أن يشهد مقاومة عنيفة، نظرا لانتشار المسلحين سواء من الجنائيين أو التكفيريين.
وأوضحت المصادر السابقة أنه بعد ذلك تبدأ المرحلة الثالثة من الخطة "نسر" وسط سيناء، وفيها ستتم الاستعانة بطائرات حربية، نظرا لطبيعة التضاريس الجبلية الصعبة، خاصة في منطقة "جبل الحلال"، التي تعد مركزا لتجمع عدد كبير من الخارجين على القانون.
ومن جانبها ، كشفت وسائل إعلام مصرية تفاصيل إلقاء القبض على الخلية الإرهابية المقبوض عليها في حملة "نسر" وبعض تفاصيل التحقيقات معها ، مشيرة إلى أنه بعد ورود معلومات هامة للجيش والشرطة بأماكن تواجد بعض الجيوب الارهابية فى مناطق عديدة بشمال سيناء بدءا من مدينة العريش ثم وسط سيناء وما بها من أماكن صحراوية وتنتهى بمدينتى رفح والشيخ زويد ، تحركت القوات فجر الاثنين الموافق 15 أغسطس إلى أحد أحياء مدينة العريش ويدعى حى الدهيشة بدائرة قسم ثالث العريش وحاصرت منزلاً لخمسة قيادات جهادية خطيرة بينهم فلسطينى ينتمى إلى حركة الجهاد الاسلامى بقطاع غزة، الا ان احدهم تصدى للقوات وبادر باطلاق النار عليهم ويدعى "سالم محمد جمعة" 36 سنة مهندس ميكانيكا من مدينة السويس، واشتبك مع القوات حتى لقى مصرعه وضبط بحوزته بندقية آلية .
كما حاول عضو آخر فى الخلية الاشتباك مع القوات الا انه اصيب بطلق نارى فى قدمة ويدعى "عمر محمد الملاح" 25 سنة من الاسكندرية، حاصل على بكالوريوس رقابة وجودة.
وقد استسلم بقية أعضاء الخلية ونقلتهم القوات المسلحة والشرطة الى مقر مديرية أمن شمال سيناء وضبط بمنزلهم 3 بنادق آلية 4 قنابل يدوية 11 خزينة طلقات وعدد 330 طلقة، وجهازين كمبيوتر محمول وبرنتر طابعة وضبط ثلاثة اعضاء اخرين بخلاف القتيل والمصاب الثانى المذكورين.
فقد ضبط كل من "ياسر جرمى عطية ترابين" مواليد 1987 فلسطينى الجنسية، من خان يونس وينتمى الى حركة الجهاد الاسلامى فى قطاع غزة، وقد تسلل الى مصر مراراً عبر الأنفاق، وسبق وأن تم اعتقاله بمصر الا انه هرب من السجن بعد الثورة، وتم القبض على "محمد جمعة صلاح" 31 سنة عامل من القليوبية، و"حسام عبد الراضى" 23 سنة من سوهاج، وهي المرة الأولى التي تضم خلية ارهابية أعضاء من خارج سيناء.
وقد كشفت التحقيقات مع المتهمين الأربعة عن عدد من الحقائق منها تنامى الفكر الجهادى فى اماكن كثيرة من محافظات مصر وليس فى سيناء فقط، وجاء تمركز هؤلاء المتهمين فيها نظرا لقربها من اسرائيل وقطاع غزة، وسهولة الحصول على السلاح، كذلك طبيعة سيناء الصحراوية ذات الطبيعة الوعرة.
وفي هذا السياق ، نقل "مصراوي" عن المتهم الاول "عمر محمد الملاح 25 سنة" اسكندرانى وحاصل على مؤهل جامعى القول في التحقيقات إنه ملتزم دينياً منذ سنوات، وتعرف على الفكر الجهادى والسلفى من خلال الندوات الدينية، مضيفا "السكوت على الباطل رذيلة، ويجب تغيير الفكر ولو بالقوة واقامة الحد" .
وكان المذكور يقوم بالسفر الى بعض المحافظات؛ بغرض الجهاد وتغيير الفكر، وتعرف على العديد من الجهاديين، واتفق مع اخرين للسفر الى شمال سيناء، وسافر الى مدينة العريش وتقابل مع العديد من الجهاديين الاسلاميين، حيث اتفقوا على استهداف المقرات الامنية، والمنشات الاستراتيجية كمحطات الغاز.
وتبين أنه مصاب بطلق نارى منذ وقت قريب ، بسبب مشاركته فى اشتباكات قسم شرطة ثان العريش، وقد سبق اعتقال المتهم سياسياً العام الماضى بسجن ابو زعبل، وهرب اثناء اقتحام السجون فى 28 يناير الماضى.
كما كشفت التحقيقات مع المتهم الفلسطينى المضبوط "ياسر جرمى عطية ترابين"، المنتمى الى حركة الجهاد الاسلامى الفلسطينية، ومقيم برفح المصرية أنه هرب من المعتقل بمصر بعد الثورة، واستطاع التعرف على أحد المتشددين، الذي طالبه بالانضمام لجماعته لمحاربة اليهود، ثم اصطحبه الى مدينة العريش، حيث تقابل مع جهاديين اخرين، معترفا بتلقي تدريبات على فنون القتال بسيناء وبقطاع غزة، وانه شارك فى ضرب قسم شرطة ثان العريش في الايام الماضية .
وأضاف أنه دخل الى مصر متسللاً عبر الانفاق، وخطط لضرب المقرات الأمنية بشمال سيناء كما شارك فى تجهيز المتفجرات والاسلحة اللازمة لاستهداف رجال الجيش والشرطة.
ومن جانبه ، اعترف المتهم الثالث حسام عبد الراضى حسن حفنى 23 سنة من سوهاج انه شارك اعضاء الخلية فى كافة اعمال العنف ضد رجال الامن المصرى بشمال سيناء، وشارك فى التدريبات على استخدام المتفجرات والاسلحة، كما اعترف المتهم الرابع "محمد جمعة صلاح" بانه حضر الى العريش منذ ستة أشهر للجهاد فى سبيل الله وبصحبته العديد من العناصر الجهادية الاخرى وشارك فى الاعتداءات على قسم شرطة ثان العريش مستخدما سلاح آلى .
واضاف انه متخصص فى تسليح رفاقه، ومن اشد المكفرين لرجال الجيش والشرطة المصريين باعتبارهم "مرتدين "، واثناء التحقيق معه اتهم الضباط امامه بالكفر.
نتائج التحقيقات في أحداث 29 يوليو
وكانت التحقيقات في الأحداث الدامية التى شهدتها مدينة العريش المصرية يوم الجمعة 29 يوليو 2011 كشفت عن مفاجآت خطيرة، حيث توصلت الأجهزة الأمنية المصرية إلى إدانة جيش الإسلام في قطاع غزة وتنظيم القاعدة وضلوعه في تجنيد وتدريب عناصر تكفيرية خطيرة تسعى إلى القتال بضراوة في سيناء من أجل كسر هيبة الدولة وطرد الجيش المصري والشرطة من سيناء لتحويلها إلى إمارة إسلامية متشددة تستطيع تحقيق أهداف كبيرة .
وذكرت مصادر أمنية رفيعة المستوى أن التحقيقات كشفت أن عناصر التكفير في سيناء قد تلقت تدريبا قتاليا على أعلى مستوى في قطاع غزة قبل وبعد الثورة مع جيش الإسلام في منطقتين بقطاع غزة هما تل سلطان برفح الفلسطينية وخان يونس .
وأضافت التحقيقات " كانت أعداد قليلة من التكفيريين قد تلقت تدريبا في قطاع غزة قبل الثورة ولكن جميع أفراد التنظيم الذي اطلق على نفسه جيش تحرير الاسلام او جيش محمد قد تلقى بالكامل تدريبات على أعلى مستوى في قطاع غزة بعد الثورة من خلال تسللهم الى غزة عبر الأنفاق ".
وتابعت أن هذه العناصر التي أطلق عليها الأمن المصري الخلايا الكامنة قبل الثورة، أفرجت عنهم وزارة الداخلية منذ شهرين، في اطار فتح صفحة جديدة، وبعد خروجهم من المعتقل عادوا الى سيناء وانضموا للتنظيم ووحدوا صفوفهم وقويت شوكتهم، خاصة بعد تدريبهم في قطاع غزة وتلقيهم الدعم المالي والعسكري من جيش الاسلام .
وسبق أن تدربوا على جميع فنون القتال، واستخدام مدافع الهاون وجميع أنواع الأسلحة والتدريب على تجميع المتفجرات وتفكيكها وتفجيرها بالأسلاك الكهربائية حيث وجهت لهم، أجهزة التحقيق اتهامات مباشرة بتفجير محطات الغاز في سيناء بعد الثورة، وتفجير مقر مباحث أمن الدولة في رفح، وقتل عشرات من أفراد الشرطة وأفراد الجيش بعد الثورة في سيناء.
وجاء في التحقيقات أيضا أن أفراد التنظيم من التكفيريين بقتل خمسة أفراد شرطة على كمين الريسه على مدخل العريش باتجاه رفح، وقاموا بتفجير مقر مباحث امن الدولة وقتل أمين شرطة يدعى "جمعة" كان محتميا داخل مسجد وقتلوه بطلقة سلاح جرانوف، كما أنهم قاموا بمحاصرة وضرب قطاع الأمن المركزي بحي الأحراش برفح سبعة مرات متتالية بعد الثورة .
كما سبق لهم تدمير وحرق قسم شرطة ثان العريش، وقتل ضابط شرطة السياحة ، وشرطي آخر امام مسجد الاسكندرية بالعريش، كما قاموا بالعديد من أعمال العنف خلال الفترة القليلة الماضية، وقد ألقت قوات الجيش القبض على 11 شخصا من المشتبه فيهم، كما ألقت قوات الشرطة القبض على 6 متهمين من المشتبه بهم بعد الاشتباكات الضارية التي وقعت بين التكفيريين وقوات الشرطة والجيش عند مقر قسم شرطة ثان العريش في 29 يوليو وأسفرت عن استشهاد ضابطين من الجيش والشرطة برتبة نقيب وإصابة عشرة اخرين من الشرطة والجيش .
كما كشفت مصادر أمنية أن تنظيم القاعدة ضالع بشكل كبير في هذه الأحداث ولكنه لا يتعامل مباشرة مع هذه العناصر في سيناء لكنه يتعامل مع جيش الاسلام في غزة الذي يقود بدوره هذه العناصر من اجل تحويل سيناء إلى إمارة اسلامية مُتشددة ، وفصلها واستقلالها عن مصر، وهو مُخطط قد انكشف وتحاول القوات المسلحة التصدي له بكل حزم .
إشادة بدور أبناء سيناء
ورجحت المصادر الأمنية أن المرحلة الراهنة هي مرحلة الدفاع وترتيب الصفوف والتحريات وربما ستكون هناك ملاحقات أمنية شديدة عقب انتهاء شهر رمضان ولكن بعد التنسيق مع بدو سيناء في هذا الاطار كما حدث من قبل خلال تفجيرات سيناء السابقة والقبض على جميع أفراد تنظيم التوحيد والجهاد الذي قام بتفجيرات سيناء والذي يعد بعض أفراد التنظيم الحالي من التكفيريين يندرجون من هذا التنظيم، وقد أشادت الأجهزة الأمنية بدور أبناء سيناء خلال المرحلة السابقة وفضلهم في ضبط جميع العناصر الارهابية السابقة التي قامت بتفجيرات سيناء .
وتضع القوات المسلحة آمالا كبيرة خلال المرحلة القادمة على أبناء سيناء وجميع القبائل البدوية الوطنية للتصدي لهذا المخطط الخطير الذي يستهدف تقسيم مصر وتدمير سيناء .