"أو إف إم " تفضح إسرائيل بشأن استشهاد الجنود المصريين 706811


ما أن تم الإعلان عن استشهاد وإصابة عدد من الجنود المصريين بنيران إسرائيلية على الحدود في 18 أغسطس ، إلا وفوجئت حكومة نتنياهو بردود أفعال مختلفة تماما عما كان يحدث في عهد نظام مبارك ، بل وجاء تقرير" أو إف إم " ليدينها تماما ويفضح مزاعم عاموس جلعاد أمام العالم .

وكان رئيس الهيئة السياسية والأمنية بوزارة الحرب الإسرائيلية عاموس جلعاد أشار إلى أن هناك تحقيقا لتحديد من قتل المصريين ، وحاول تبرئة تل أبيب من المسئولية ، قائلا في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية :" لا يتعمد أي جندي إسرائيلي توجيه أي سلاح إلى رجال الشرطة أو الجنود المصريين ، ربما أطلق إرهابيون الرصاص عليهم أو حدث أمر آخر".

ولم تكد تمر ساعات على المزاعم السابقة ، إلا وأعلنت قوات المراقبة الدولية العاملة في سيناء " أو إف إم " أنها رصدت في 18 أغسطس مخالفتين ارتكبتهما إسرائيل عند العلامة الدولية رقم 79 الواقعة بمنطقة النقب بوسط سيناء.

وأشارت القوات الدولية في تقريرها الذي أعدته حول مصرع عدد من أفراد الأمن المصريين على الحدود إلى أن مخالفتي إسرائيل تمثلتا في اجتياز الحدود وإطلاق الرصاص في الجانب المصري.

بل واللافت للانتباه أيضا أن التقرير لم يحدد مدى صحة المزاعم الإسرائيلية بشأن دخول منفذي عملية إيلات عبر الأراضي المصرية ، وهو الأمر الذي ضاعف ورطة حكومة نتنياهو التي سارعت لإرسال مبعوث لها للقاهرة في محاولة لاحتواء رد الفعل المصري الغاضب جدا .

وكان شالوم كوهين سفير إسرائيل السابق لدى مصر ومسئول ملف العلاقات المصرية بالخارجية الإسرائيلية وصل للقاهرة يوم السبت الموافق 20 أغسطس .

وكشفت مصادر مسئولة بمطار القاهرة الدولي عن وصول كوهين بصحبة السفير الإسرائيلي الحالي اسحاق ليفانون ، موضحة أن السلطات المصرية رفضت دخولهما قاعة كبار الزوار كما تعودا قبل الأحداث الأخيرة.

وبجانب زيارة كوهين ، فقد أعلن وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك أسف بلاده لمقتل عناصر من الأمن المصري خلال مطاردة مرتكبي هجوم إيلات ، مشيرا إلى أنه أعطى تعليمات إلى الجهات المختصة بإجراء تحقيق موسع في الموضوع ثم إجراء تحقيق مشترك مع الجهات المصرية المختصة.

ونقل راديو صوت إسرائيل عن باراك قوله في أعقاب جلسة تشاورية مع قيادة أركان الجيش الإسرائيلي إنه سيتم استخلاص العبر اللازمة على ضوء نتائج التحقيقات.

ورغم أن إسرائيل كانت تعول على أسف باراك لاحتواء الموقف ، إلا أن عاصفة الغضب المتصاعدة في مصر بعثت لها برسالة تحذير قوية مفادها أن انتهاكاتها لن تمر مرور الكرام كما كان يحدث في عهد نظام مبارك .

فقد واصل آلاف المصريين الغاضبين التظاهر أمام مقر السفارة الإسرائيلية في القاهرة ، مرددين هتافات تطالب بطرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات مع تل أبيب ووقف تصدير الغاز إليها .

واللافت للانتباه أن عدد المتظاهرين تضاعف رغم كافة الإجراءات التي أعلنت عنها حكومة رئيس الوزراء عصام شرف منذ الإعلان عن الانتهاك الإسرائيلي.

بيان حكومة شرف

"أو إف إم " تفضح إسرائيل بشأن استشهاد الجنود المصريين 701634

وكانت اللجنة الوزارية للأزمات بحكومة شرف عقدت اجتماعا عاجلا في 19 أغسطس وأعلنت أنها في حالة انعقاد دائم لمتابعة الأمر .

وحملت اللجنة إسرائيل المسئولية السياسية والقانونية المترتبة على الحادث الذي يعتبر خرقا لبنود اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية.

وجاء في بيان للجنة "ردا على ما حدث، فستستخدم مصر كافة الإجراءات الواقية لتعزيز منطقة الحدود من جانبها مع إسرائيل ودعمها بما يلزم من قوات قادرة على ردع أي تسلل لعناصر خارجة عن القانون، وكذلك الرد على أي نشاط عسكري إسرائيلي باتجاه الحدود المصرية"، كما دعت اللجنة إسرائيل إلى فتح تحقيق بشكل فوري في الحادث وموافاتها بنتائجه في أقرب وقت.

وبجانب ما سبق ، قررت مصر أيضا استدعاء سفيرها من تل أبيب إلى حين انتهاء نتائج التحقيقات الإسرائيلية في الحادث ، كما قررت استدعاء السفير الإسرائيلي لديها وإبلاغه احتجاجها على الحادث ، وطلبت أيضا اعتذارًا من الجانب الإسرائيلي وكذلك إجراء تحقيق رسمي مشترك للكشف عن ملابسات الحادث.

وبالفعل ، قام وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو بتنفيذ توجيهات اللجنة الوزارية الطارئة المعنية بمتابعة الحادث الذى وقع على الحدود المصرية الإسرائيلية مساء الخميس الموافق 18 أغسطس واستدعى القائم بالأعمال الإسرائيلى في القاهرة في ضوء غياب السفير ليفانون خارج البلاد لإبلاغه بالموقف المصري على النحو المبين بالبيان الصادر عن اجتماع اللجنة.

وخلال الاستدعاء ، ذكر القائم بالأعمال أنه مكلف من حكومته بتلاوة نص البيان الذي أصدره وزير الحرب الإسرائيلى والذي يعرب فيه عن الأسف العميق إزاء سقوط ضحايا من أفراد الأمن المصريين على الشريط الحدودي ويعلن فيه عن فتح تحقيق يدعو الجانب المصري للمشاركة فيه لكشف تفاصيل ما حدث.

وأوضح القائم بالأعمال الإسرائيلي أيضا أن بلاده تحرص على علاقاتها مع مصر وأنها من هذا المنطلق تجاوبت مع المطالب المصرية بشكل سريع لاحتواء الموقف.

ورغم أن إسرائيل وافقت على إجراء تحقيق مشترك وأعربت عن أسفها للحادث ، إلا أنها لم تقدم اعتذارا رسميا ، كما أن كثيرين يرون أنها لم تفهم الرسالة بعد وهي أن هناك ضغوطا شعبية يضعها صانع القرار في مصر الثورة في حسبانه .

تصعيد متوقع

"أو إف إم " تفضح إسرائيل بشأن استشهاد الجنود المصريين 733062


وأمام ما سبق ، فإن الأمور تبدو وكأنها في طريقها للتصعيد خاصة مع إعلان التليفزيون المصري عن ارتفاع عدد الشهداء من ثلاثة إلى خمسة وبعد تقرير " أو إف إم " الذي أكد صحة اعتقاد كثيرين بأن الحادث كان متعمدا وانتهاكا سافرا للسيادة المصرية بهدف التغطية على الأزمات الداخلية التي يواجهها نتنياهو وتصعيد الموقف للتأثير على قرار المجتمع الدولي الخاص بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المقرر فى سبتمبر المقبل ، هذا بالإضافة إلى محاولة الضغط على مصر الثورة لتضييق الخناق على قطاع غزة .

ولعل تصريحات شرف وموسى ونور تدعم صحة ما سبق ، فقد لوح رئيس الوزراء المصري عصام شرف بالرد على الاعتداءات الإسرائيلية ، قائلا :" إن دم الإنسان المصري أغلى من أن يذهب بلا رد وأكرم من أن يكون بلا قيمة".

وأضاف شرف في رسالة نشرها على صفحته الرسمية على الفيسبوك " ثورتنا المجيدة قامت كي يستعيد المصري كرامته في الداخل والخارج، وما كان مقبولا في مصر ما قبل الثورة لن يكون مقبولا في مصر ما بعد الثورة".

وفي السياق ذاته ، قال الأمين العام للجامعة العربية السابق والمرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة عمرو موسى :" إن على إسرائيل أن تعي أن اليوم الذي يقتل فيه أبناؤنا بلا رد فعل مناسب وقوي قد ولى إلى غير رجعة ، دماء الشهداء التي سالت أثناء أدائهم لواجبهم المقدس لن تضيع هدرا".

ومن جانبه ، قال المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة أيمن نور أيضا :" إن الأهم من سحب السفير المصري في إسرائيل هو طلب تعديل البند المقيد في كامب ديفيد لحق مصر في وجود قوات عسكرية في سيناء لحماية الحدود المصرية وصيانة سيادة الدولة".

حقائق هامة

"أو إف إم " تفضح إسرائيل بشأن استشهاد الجنود المصريين 733163

وبصفة عامة وإلى حين اتضاح تطورات الموقف في الأيام المقبلة أكثر وأكثر ، فإن هناك عددا من الأمور يجمع عليها الخبراء من أبرزها ضرورة مراجعة كامب ديفيد والتركيز على قضية التنمية والأمن في سيناء ، بالإضافة إلي الاهتمام بتقوية الجبهة الداخلية وترك الخلافات جانبا .

فقد أكد الخبير الاستراتيجى اللواء أحمد عبد الحليم أن هناك عوامل تحكم التحرك المصرى ومنها ضرورة تحقيق الاستقرار في الجبهة الداخلية حتى تتمكن القوات المسلحة من التعامل مع الموقف ، مشيرا إلى أن التفاعل على المستوى الداخلى والخارجى سيحدد القرار المصري في هذا الشأن.

ودعا في هذا الصدد إلى تعمير سيناء داخليا ومراجعة الاتفاقيات مع إسرائيل كى يتم زيادة أعداد القوات العسكرية المصرية في سيناء.

واختتم تصريحات له للتليفزيون المصري قائلا :" الدولة لابد أن تكون قوية داخليا حتى تكون قوية خارجيا و لن يتسنى ذلك في حالة الجدل السياسى الدائر حاليا".

وفي السياق ذاته ، قال محمد بسيونى الذى شغل منصب سفير مصر لدى إسرائيل 20 عاما متواصلة :" إن ما يحدث فى سيناء ما هو الا عمليات إرهابية من بعض الجهات التى لا تريد الاستقرار لمصر" ، مشيرا إلى ضرورة عمل قانون حول الأمن والتنمية في سيناء.

وأوضح أن تلك التنمية سواء كانت صناعية أو زراعية أو بشرية لن تترك لأي جهة فرصة التسلل إلى سيناء ، مؤكدا أن التنمية والأمن مرتبطان ببعضهما البعض.

ومن جانبه ، قال دكتور حسن على الخبير المصري في الشئون الإسرائيلية إن عدم تركيز القوات المسلحة على سيناء أدى إلى جعلها منطقة سهلة الاختراق خاصة في ظل اتفاقية السلام التي تحدد الوجود العسكري هناك ولذا فهي ليست بالمنطقة المستقرة.

وتبقى حقيقة هامة وهي أنه لابديل عن تفهم مشاكل البدو لضمان الاستقرار في سيناء ومواجهة انتهاكات ومؤامرات إسرائيل ، حيث أنهم طالما اشتكوا من النظرة الدونية التي اتبعها نظام مبارك ضدهم وخاصة فيما يتعلق بمحاولة وصفهم بأنهم خونة ومهربون للسلاح والمخدرات عبر الحدود المصرية الفلسطينية وهذا يتنافى مع تقارير المخابرات المصرية التى سجلت لهم كثيرا من البطولات والوطنية الشديدة وبخاصة في فترة احتلال سيناء التي استمرت 12 عاما .