ماتعرفش مبارك مات ولا لسة.. بات هذا هو السؤال الأبرز في أي حديث يدور بين اثنين أو أكثر سواء في وسائل المواصلات أو المقاهي أو حتى مخابز العيش، حيث سيطر هاجس سماع خبر وفاة الرئيس المصري السابق حسني مبارك على رجل الشارع المصري بشكل لا يمكن تصوره.
وقد ساهم في تدعيم هذا الاتجاه الفضولي حالة التعتيم المستحكمة المفروضة على حياة مبارك بعد تنحيه عن الحكم وفي ظل الحصار الشديد المفروض عليه داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي.
بحيث أصبح أغلب ما ينشر عنه من قبيل التكهنات التي لا يستطيع أحد تأكيدها لعدم السماح بزيارته نظراً لما يقال عن حالته الصحية المتدهورة والتي حالت دون نقله إلي السجن باعتباره محبوسا احتياطيا ومحالا إلى محكمة الجنايات في العديد من التهم الموجهة إليه والتي من بينها تضخم الثروة بصورة غير شرعية وإعطاء أوامر بقتل المتظاهرين بميدان التحرير.
ونشرت صحيفة الأهرام تقريرا أكدت من خلاله أن مبارك تعرض منذ يومين لأزمة قلبية استلزمت إحضار جهاز للصدمات الكهربائية لتنشيط القلب، وقد جاءت هذه الأزمة عقب زيارة حفيده عمر نجل علاء له في المستشفى، الذي قال له " بابا وحشنى قوى.. هو فين يا جدو؟".
فيما رجحت مصادر أخرى تعرض الرئيس السابق لأزمة قلبية، مشيرين إلى أن جهاز الصدمات الكهربائية ما هو إلا جهاز لعمل تدليك على الركبة، واعتبرها البعض محاولة لمنع إثارة المزيد من البلبلة السياسية، خاصة أن هناك شائعات سرت خلال اليومين الماضيين على مواقع الكترونية مختلفة حول موت الرئيس السابق وأن عملية الإعلان عن ذلك ستتم قريبا جدا.
وقال المحامي فريد الديب، الموكل للدفاع عن الرئيس السابق، أن حالته الصحية متردية للغاية ويقع من وقت لآخر في الغيبوبة, حتى أنه لا يقوي علي دخول الحمام بسبب معاناته من وهن في العضلات, وعندما أرادوا إجراء أشعة له عجزوا عن حمله من الطابق الثاني الذي يقيم فيه إلي الطابق الأول وحضروا جهاز الأشعة إلي غرفته.
كما أن حالته النفسية بالغة السوء, فهو حزين جدا بسبب الاتهامات الموجهة إليه, وألمه أكثر تقديمه للمحكمة الجنائية رغم أن الاتهام في حد ذاته لا يعني الإدانة, لكنه لم يكن يحب أن يتعرض لهذا الموقف, خصوصا أنه يري نفسه أنه لم يفعل شيئا, وأن ما يوجه إليه افتراءات.
وأكد الديب أن مبارك بكي متأثرا من إحدى التهم وتأثرت نفسه خصوصا انه لم يدافع عن نفسه بكلام كثير, فقد امسك عن ذكر أمور كثيرة لاعتبارات يراها ستضر بالأمن القومي, فهو كرئيس جمهورية يعلم الكثير بما يتصل بالأمن القومي وأمن القوات المسلحة بما يمكن أن يدعم موقفه, لكنه فضل أن يحافظ علي هذه الأسرار من أن يدافع عن نفسه بإفشائها, وهذا القهر هو الذي أبكاه, كما أنه يبكي كثيرا كلما تذكر حفيده محمد الذي توفي مبكرا.
والواقع أن أخبار صحة الرئيس السابق حسني مبارك ما زالت هي الشاغل الأكبر لملايين المصريين الذين تتفاوت مشاعرهم بين متعاطف معه وحزين لما آلت إليه أحوال "العائلة الحاكمة" بعد أن كانوا ملأ السمع والبصر وعاشوا حياتهم طولا وعرضا، وبين مقتنع تماما أنهم ينالون أقل من جزائهم خصوصا بعد تدهور البلاد وفقر العباد ووصول الأرواح إلى الحلقوم من شدة الظلم والطغيان والفساد.
وبين هذا وذاك تبقى حقيقة واحدة مؤكدة تتجلى في أروع صورها فيما قاله رب العزة في محكم تنزيله: "{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}..