"عندما تمتلك التكنولوجيا فأنت مسيطر على العالم" هذه ليست عبارة إنشائية لا محل لها من الإعراب وإنما هى حقيقة واقعة، ففي الآونة الأخيرة بدأت العديد من الدول المالكة لها في تطويعها لخدمة هدف معين فلجأت إلى فرض الرقابة على مواقع الإنترنت خاصةً تلك المتعلقة باتجاهات معينة.
ومفهوم "الحرب الإلكترونية" بني على أحداث كبيرة وقعت بالفعل في السنوات الأخيرة بينها هجمات إلكترونية على محرك البحث "جوجل" قامت بها الصين، وحجب الشبكة في البرازيل ومهاجمة النظام الذي يتحكم بالبرنامج النووي الإيراني والمسمى "ستكسنت".
وفي هذا الصدد، بدأت الولايات المتحدة في العمل على تطوير نظام خاص على شبكة الإنترنت لمواجهة خطر بما يسمة بالهجمات الإلكترونية.
وتعمل عدد من الشركات الدفاعية، بما في ذلك شركة "لوكهيد مارتن" المعروفة، على تأسيس نماذج افتراضية مما يسمى بـ"ميادين رماية" في إطار "معارك الحرب الإلكترونية". ويسمح هذا النظام للباحثين بمحاكاة هجمات من قبل قوى أجنبية ومن قراصنة الحواسيب داخل الولايات المتحدة.
وقد تم تخصيص أكثر من 500 مليون دولار من قبل وزارة الدفاع لتطوير "تكنولوجيات الإنترنت".
ويشرف على المشروع وكالة البحوث المتقدمة الدفاع "Darpa"، والتي ساهمت في الأبحاث المبكرة التي أوصلت شبكة الإنترنت كما نعرفها اليوم، طبقاً لما ورد بموقع الـ"بي بي سي".
وسيكون هذا النموذج، بعد تجهيزه، بمثابة اختبار لتطوير التكنولوجيات الدفاعية، وربما هجومية أيضاً على غرار أنظمة حماية الشبكات.
ومن جانبه، أكد اريك مازكوني المتحدث باسم الوكالة، أن "التوصل إلى "إنترنت مصغر" يمكن السيطرة عليه سيسمح للباحثين بإجراء التجارب بشكل أسرع ويتطلب أياماً لا أسابيع كما هو الحال الآن". ومن ضمن الجهات المشتركة في تطوير هذا المشروع جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور.
وسيتم اختيار أحد هذه النماذج الخاصة ليتم إدخاله حيز التطبيق في وقت لاحق من هذا العام.
وقد بدأت الولايات المتحدة في زيادة التمويل للمشاريع ذات الصلة بأمن الإنترنت مؤخراً.
وفي عام 2008، كان الجيش الأمريكي هدفاً لعدد كبير من هجمات الإنترنت، وقد وصف بعضها بالخطيرة مثل الفيروس المعروف باسم "agent.btz".
وقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مايو2009، تهديد الإنترنت واحداً من أخطر التحديات التي تواجها بلاده. وأكدت الإدارة الأمريكية إنها كانت عرضة لهجمات سايبرية من الخارج. وكانت شركة "لوكهيد مارتن"، قد تعرضت لخرق أمني على الإنترنت في مايو2011.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنها تعتزم نشر مقترحات لتصنيف الهجمات على الانتنت كعمل من أعمال الحرب العدوانية.
خطر الحرب الإلكترونية.. مفهوم مبالغ فيه
وقد أكد خبراء مرموقون في الشؤون الأمنية أن الحديث عن خطر حرب الإنترنت مبالغ فيه بدرجة كبيرة.
وأشار بروس شنير إلى أن الخطاب الانفعالي حول الموضوع ليس واقعياً. وسيشارك شنير في مؤتمر أمني يعقد في سان فرانسيسكو هذا الأسبوع، مؤكدين أن هناك صراعاً على السلطة يجري الآن.
وأكد شنير "ما نراه ليس حرب إنترنت بل استخدامات لتكتيكات شبيهة بالحرب". وايد هذه النظرة تقرير صدر عن منظمة التعاون والتنمية الدولية الذي ورد فيه أن الظواهر والممارسات التي يطلق عليها إسم "حرب الإنترنت" لا تستحق هذه التسمية، طبقاً لما ورد بموقع "البي بي سي".
ويتوقع أن تحظى القضية باهتمام الخبراء في المؤتمر المذكور، حيث ستنكب بعض اللجان على محاولة وضع تعريف لمفهوم "حرب الإنترنت".
وقال شنير "الهجوم على "جوجل" وستكسنت لم يكن حرباً إنترنت، فهل مات أحد؟ الحرب تستخدم فيها دبابات وقنابل، وإن كانت الحروب في المستقبل ستستخدم وسائل إلكترونية". وحذر شنير من "عسكرة الإنترنت".
وتلفت الانتباه حالياً الأحاديث التي تدور حول ضرورة وجود "ميثاق للإنترنت" شبيه "بميثاق جنيف"، وقد طرح الموضوع في مؤتمر للشؤون الأمنية عقد في ميونيخ الأسبوع الماضي.
ومن جانبه، أكد ديكلام ماكولاخ المعلق المختص لموقع "سي نت"، أنه يرى أن صياغة ميثاق جنيف لحروب الإنترنت هو شيء معقول، على الأقل لبدء النقاش حول الموضوع
فيروس "ستاكسنت"
وقد هاجم فيروس "ستاكسنت" الخطير أكثر من ستة ملايين جهاز كمبيوتر شخصي وحوالي ألف كمبيوتر بشركات إقتصادية عملاقه بالصين, وذلك بعد أقل من أسبوعين على إختراقه بعض أنظمة التشغيل فى أولى محطات إيران النووية فى بوشهر.
وأكد وانج تشان تاو المهندس بشركة "رايزينج" الدولية للبرمجيات ومقرها بكين وهى شركة كبيرة تنتج برامج لمكافحة الفيروسات فى الصين، أن فيروس "ستاكسنت" يمكن أن يخترق أجهزة الكمبيوتر ويسرق معلومات سرية وخاصة من شركات صناعية ويرسلها إلى مزود خدمة فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف وانج أن الفيروس الخطير استغل وجود عيب فى أنظمة التحكم الإلكتروني بشركة "سيمينز" تستخدمه فى الصناعة التحويلية للتملص من الفحص الأمني, مشيراً إلى أن الفيروس يمكنه أن ينسخ نفسه وينتشر عبر أجهزة نقل البيانات فى شبكة أية شركة خاصةً كانت أم حكومية, محذراً من أن القراصنة قد يسيطرون على آلات الشركة التى تديرها أجهزة الكمبيوتر التي إخترقها الفيروس, ويوجهون أوامر خطيرة تتسبب فى دمار بالغ.
وأكد أن الشركة طورت برنامجاً للقضاء على الفيروس, ويمكن تحميله مجاناً من الموقع الرسمي للشركة, وقال إن الملفات الموجودة ضمن "ستاكسنت" تشير إلى إحتمال أن يكون مصدره إسرائيلياً لاستعمال أسماء مثل "إستير" و"ميرتيس" وهى أسماء غالباً ما يستعملها المتدينون اليهود مستقاة من العهد القديم.
يذكر أن الصين بها نحو 420 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت بحسب آخر الاحصاءات الرسمية الصادرة عن مركز معلومات شبكة الإنترنت الصينية.