في أول رد فعل رسمي للمثقفين على ما حدث من الاعتداء الإسرائيلي على الجنود المصريين داخل حدودنا، وجه الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب دعوة لمثقفى مصر لتنظيم وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء المقبل، فى الساعة الواحدة ظهرا أمام السفارة الأمريكية، لتجاهلها شهداء مصر، بعدما أعرب الرئيس الأمريكى باراك أوباما، فى كلمة له تعليقا على أحداث سيناء، عن أسفه لسقوط قتلى إسرائيليين !.
ودعا مجاهد كذلك عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" إلى مقاطعة دعوة الإفطار التى وجهتها السفارة لعدد من المثقفين يوم الاثنين المقبل، وقد أعلن الأديب الكبير يوسف القعيد استجابته للدعوة، وكذلك دكتور محمد حافظ دياب.
وفي حديثهم لـ"محيط" أكد عدد من المثقفين المصريين على ضرورة استجابة الحكومة والمجلس العسكري لمطالب الشارع الغاضب، مع أهمية إعادة النظر في بنود اتفاقية السلام بيننا وبين العدو الإسرائيلي.
إسرائيل تأمن العقوبة
المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم لا يثير تعجبه ما حدث من عدو غاصب، وهو يحمل الرئيس الراحل محمد أنور السادات المسئولية بقوله : "لقد سلم كل شئ إلى أمريكا وإسرائيل، ونهج نهجه الرئيس المخلوع، فنحن أمام تركة ثقيلة منذ أربعين عاما".
ويعلل المؤرخ الاعتداء الإسرائيلي على مصر بسبب رغبة الكيان الصهيوني التنفيس عن غضبه للإطاحة بمبارك والذي يمثل كنزا استراتيجيا بالنسبة لهم، داعياً أن يكون موقف المجلس العسكري ومجلس الوزراء متسقاً مع الغضب الشعبي، الذي يتحرر دائماً من القيود والحسابات التي تكبل الحكومات.
ودعا قاسم القابضين على زمام الأمور في مصر بالاسترشاد بموقف تركيا التي جمدت العلاقات مع إسرائيل إلى أدنى مستوى لردع إسرائيل والتي مارست العربدة مع مصر لشعورها بالأمان من أي عقوبة تطالها .
وأشار المتحدث إلى أن إسرائيل وحدها يسهل القضاء عليها، ولكن المشكلة في الدعم الأمريكي الأوروبي لها، ومع ذلك فهناك شواهد على أن إسرائيل يمكن كسر شوكتها كما فعل معها حزب الله.
وإسرائيل كما يرى المؤرخ تدفع مصر نحو حرب، وتدفع أمريكا لضرب إيران، حتى يتحول العالم لساحة حروب ومذابح .
ويصف د. قاسم اتفاقية السلام بأنها لم تجلب سوى الحروب، سواء في غزة أو لبنان، وتهدد سوريا والسودان، ولذلك يجب إعادة النظر فيها من جديد، بعد اتخاذ الخطوات اللازمة من الاستعداد العسكري، فالاتفاقية برأيه سقطت لاختراق الإسرائيليين لها عدة مرات.
يواصل: أحد بنود الاتفاقية تنص على ان تبتعد إسرائيل بجيشها مسافة كبيرة عن الحدود المصرية وهو ما لم تنفذه إسرائيل فجيشها موجود في رفح، بجانب انتهاكات أخرى سمح لهم بها المخلوع الذي كان "عبداً " لهم، والصدام آت لا محالة بين الشعب المصري وإسرائيل وعلينا الاستعداد له.
حكومة مترددة
الكاتب أحمد الخميسي شن هجوماً حاداً على حكومة دكتور عصام شرف ووصفها "بالتردد والجبن"، لعدم إقدامها على سحب السفير المصري من إسرائيل، قائلاً: "ترددها ينبع من تشتتها بين الثورة والمجلس العسكري، لذلك لم تأخذ أي موقف حاسم في أي مجال، ولذلك فهي حكومة التصريحات المطمئنة فقط!".
يواصل: لو فكرنا بمنطق الخوف سنحرم من الحياة، فمن حقنا سحب السفير دون أن يعني هذا إعلانا للحرب، وهو أقل إجراء يجب اتخاذه في مثل هذا الموقف.
وبخلاف الرأي السابق يرى الخميسي أن إسرائيل لا تريد إلغاء اتفاقية السلام بينها وبين مصر .
يتفق الناقد دكتور حامد أبو أحمد على اعتياد إسرائيل منذ أيام النظام البائد على التوغل داخل الحدود المصرية وقتل المجندين، لكن لأول مرة تواجه إسرائيل غضبا شعبيا كبيرا كهذا.
ويرى الكاتب ضرورة تجنب التصعيد مع العدو الصهيوني حاليا لأن مصر في وضع مضطرب وعليها ترتيب البيت من الداخل أولاً، خاصة أن إسرائيل قد يكون من مصلحتها الإقدام على حرب مع مصر لتهدئة شعبها الغاضب ، إضافة إلى أنها متخوفة من إقرار دولة فلسطينية وهو التصويت الذي يطرح سبتمبر المقبل على اجتماع الجمعية العامة في نيويورك.
كما يتطرق أبوأحمد لبعض الشروط المجحفة في اتفاقية كامب ديفيد ومنها أن تكون سيناء منزوعة السلاح وهي المشكلة التي أدت إلى ظهور الجماعات الإرهابية التي اعتدت على قسم العريش في سيناء، وأحدثت خللاً أمنياً.
مخطط صهيوني
"إسرائيل تسعى لاستفزاز مصر والاستيلاء على جزء من سيناء"، هكذا علّق الروائي صنع الله إبراهيم على الاعتداءات الإسرائيلية، قائلاً: أيا كانت الأسباب لا يحق للعدو الصهيوني إطلاق النيران داخل الحدود المصرية، و"لا أستبعد أن تكون عملية "إيلات" بترتيب من الموساد الإسرائيلي للتغطية على الوضع الحالي في إسرائيل، واتخاذها ذريعة للضرب داخل الحدود المصرية".
يواصل: أمريكا تنتهز الفرصة لتعلن أن الحكومة المصرية لا تسيطر على الأمن جيداً، وهو ما يسمح لإسرائيل بالتوغل داخل سيناء، ممتدحاً اقتراح تعديل اتفاقية السلام، لأنه الحل الأمثل برأيه الآن لأن مصر في وضع لا يسمح لنا بالحرب على حد قوله.
أما الشاعرة المصرية المقيمة حاليا بأمريكا فاطمة المرسي فتقول : إسرائيل أطلقت بالون اختبار لتعرف ردة الفعل المصرية عمليا بعد الثورة، ومن جهة أخرى تستعطف العالم وتلفت انتباهه إعلاميا إلى أنها في حالة دفاع عن النفس وربما تطلب في المستقبل القريب قوات أمن دولية أكثر في سيناء لحماية نفسها .
تواصل: ستقدم على هذا الإجراء خاصة بعد الثورات التي قامت في الدول العربية الأخرى، والتي ستنجح في الإطاحة بعملائهم، ولهذا أحيي رد الفعل الشعبي الغاضب، الذي يثبت أنه لا تهاون مع العدو الصهيوني، لأننا سنرسخ بردود فعلنا تلك المرة تحديداً لكيفية التعامل الجديدة مع العدو بعد الثورة.
"فيس بوك"
تباينت ردود أفعال المثقفين الغاضبة على شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" فهاجم الناقد شعبان يوسف الحكومة والإعلام المأمور والمأجور والمتواطئ، اللذان يريدان تسويق وترويج عملية الاعتذار الإسرائيلى بصفتها انتصارا عظيما.
أما الكاتب إبراهيم عبد المجيد فتساءل عبر صفحته : هل يمكن أن يكون احتجاج المجلس العسكري علي عمل إسرائيل بقدر الثورة، لا يقصد الكاتب الحرب كما يقول، بل يطلب لجنة تقصي حقائق من الأمم المتحدة، أو اجتماع عاجل لمجلس الأمن أو الجمعية العامة.
وفي صفحتها وصفت الكاتبة والناقدة هويدا صالح خطوة عدم سحب السفير كما أعلن مجلس الوزراء بالشئ المحبط والمخزي، قائلة: المجلس العسكري الآن في لحظة فارقة، إما ينحاز لقناعات الشعب المصري ورغبته أو ينحاز لضغوط أمريكا وإسرائيل.
الكاتب والأديب عزت القمحاوي كتب في صفحته داعياً لنسيان دبلوماسية مبارك الذليلة، فكما يقول لازال لدى مصر الكثير للرد على البلطجة الصهيونية، نافياً أن تكون هذه دعوة للحرب، فالصهاينة كما يقول لن يقتربوا من هذه المغامرة!.
وامتدح الكاتب أحمد زغلول الشيطي على صفحته المواطن المصري أحمد الشحات الذي تسلق بناية السفارة وقام بإنزال العلم الإسرائيلي، واصفاً إياه بأنه مصرى من فصيلة عبد العاطى صائد الدبابات!.
أما الناقد الدكتور محمود الضبع فكتب يقول : قاعدة أساسية في السياسة والتاريخ وعلم الاجتماع تقول " إذا أردت أن توحد بين كل أفراد الشعب فابحث له عن عدو "، ونحن جميعا ضد إسرائيل.
في حين اكتفى الدكتور الكاتب والأديب يوسف زيدان بأن يقتبس أبيات من شعر الراحل أمل دنقل يقول فيها: على أبوابك السبعة يا طيبة, يا طيٍبة الأسماء / يقعى أبو الهول, وتقعى أمة الأعداء/ مجنونة الأنياب و الرغبة / تشرب من دماء أبنائك قربة قربة/ و نيلك الجارى على خد النجوع, مجرى دموع / ضفافه الأحزان و الغربة.